شوف تشوف

الافتتاحية

برنامج “تمكين”

حسمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، خلال اجتماعها الأخير، في هوية الأسماء التي اقترحها الفريق البرلماني بمجلس النواب من أجل عضوية ثلاث مؤسسات دستورية، والتي سيقوم برفعها إلى الحبيب المالكي، رئيس الغرفة الأولى، تمهيدا لإحالتها على الديوان الملكي. واقترح الحزب الحاكم المحامي عبد الصمد الإدريسي، عضو الأمانة العامة لـ”البيجيدي”، لعضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسطات عبد الحفيظ اليونسي لعضوية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، وسعد حازم، البرلماني السابق عن لائحة الشباب، للعضوية بالمجلس الاستشاري للشباب والمجتمع المدني.

للأسف، الحزب الذي لطالما رفع شعارات تخليق الحياة العامة وشن هجومات إعلامية وسياسية على خصومه بسبب تعييناتهم المشبوهة، وكافح بلا هوادة ضد ثقافة “عطيني نعطيك”، هو نفسه من يكرر الممارسات ذاتها لكن بطريقة أسوأ وأكثر بشاعة في البحث عن مغانم المناصب التي توفرها كعكة السلطة.

فما معنى أن تحسم الأمانة العامة للحزب في عضوية مؤسسات دستورية من المفترض أن يقترحها رئيس مجلس النواب بصفته الدستورية على ملك البلاد؟ وما معنى أن يغرق الحزب الحاكم المؤسسات المستقلة التي أحدثها الدستور لتقديم الاستشارة للحكومة والبرلمان، برموزه وكأنها ملحقة حزبية وحديقة خلفية لمقر حي الليمون؟

لهذا نفهم الحرب التي مارسها الحزب الحاكم أثناء مناقشة قوانين المؤسسات الدستورية من أجل ضمان الإبقاء على قدم الأحزاب داخلها ولو من بوابة البرلمان، ولا أحد سينسى كيف حاول حزب العدالة والتنمية القيام بـ”بلوكاج” تشريعي فقط لضمان عدم تنافي الصفة البرلمانية مع العضوية بالمجلس الوطني، ولولا تشدد الحكومة في إبعاد البرلمانيين لتحول مجلس حقوق الإنسان إلى غرفة تشريعية ثالثة.

لا فائدة ستجنيها المؤسسات الدستورية من عملية إغراقها برموز الأحزاب سوى إعادة إنتاج مؤسسات صورية مبنية على الزبونية السياسية والولاءات الحزبية، وستصيبها الأمراض والأعطاب نفسها التي تعاني منها المؤسسات المنتخبة التي تعاني من شلل قاتل.

فكرة مؤسسات الحكامة الجيدة كما قصدها المشرع الدستوري وخصص لها 10 فصول داخل أسمى وثيقة في الدولة، أو على الأقل كما هي ممارسة في العالم، كانت تهدف إلى جعلها سلطة تضمن التوازن وليس أدوات تضمن تغلغل الحزب الحاكم، وإن لم يكن هناك نوع من التقييم وإعادة النظر في طريقة توريد هاته المؤسسات بالنخب ذات الكفاءة العالية، فإن هاته المؤسسات ستتحول إلى واجهات لتزيين المشهد المؤسساتي، لكن بدون روح وبدون معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى