انتهاء التحقيق بشأن اختلاس القابض الجهوي للجمارك بمراكش لـ4 ملايير
تدقيق في مالية إدارة الجمارك من قبل الخازن الإقليمي يفضح عملية الاختلاس
مراكش: عزيز باطراح
أنهى قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة بمحكمة جرائم الأموال بمراكش، الأسبوع الماضي، تحقيقاته في قضية تورط القابض الجهوي السابق للجمارك في اختلاس أزيد من أربعة ملايير سنتيم، وأحال ملف القضية على الوكيل العام من أجل إبداء الرأي قبل إحالته على غرفة الجنايات.
وكان «حسن.م»، القابض الجهوي السابق لإدارة الجمارك بمراكش، قد اختفى عن الأنظار مباشرة بعد اكتشاف عملية الاختلاس، قبل أن يتم إيقافه من طرف شرطة الحدود بأحد مطارات العاصمة الهولندية، ليجري تسليمه إلى الشرطة الدولية والتي سلمته بدورها إلى مصالح الأمن بالمغرب.
وكانت الشرطة القضائية لمراكش، قد أنهت أبحاثها وتحرياتها مع الموقوف وأحالته على الوكيل العام، شهر يوليوز الماضي، والذي تابعه من أجل «التزوير في محررات رسمية واختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت تصرفه بمقتضى وظيفته وخيانة الأمانة»، قبل أن يقرر إحالته على قاضي التحقيق ملتمسا التحقيق معه في حالة اعتقال، وهو الملتمس الذي استجاب له قاضي التحقيق، حيث مباشرة بعد التحقيق التمهيدي قرر إيداعه سجن لوداية بضواحي مراكش.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى مطلع سنة 2017، عندما رفض الخازن الإقليمي لعمالة مراكش التوقيع على الوضعية المحاسباتية لإدارة الجمارك الخاصة بسنة 2016، بالنظر إلى التناقضات المثيرة في الأرقام المثبتة بالمداخيل الخاصة بإدارة الجمارك ونظيرتها المسجلة لدى الخزينة الإقليمية، والتي يكون مصدرها عادة بنك المغرب، وهو الأمر الذي جعل القابض الجهوي الجديد يخطر الإدارة العامة للجمارك، والتي أوفدت لجنة للتحقيق في أسبابظروف وملابسات هذه الاختلالات المالية.
وكشفت اللجنة المذكورة عن اختلاسات مالية كبيرة تتجاوز 4 ملايير سنتيم، حيث تبين أن المداخيل يتم تسجيلها في الأوراق المحاسباتية التي يتم بعثها بشكل دوري إلى الإدارة المركزية، غير أن الأرقام المثبتة بها تتناقض مع المداخيل المالية المودعة لدى الخزينة الإقليمية، ما يعني أن القابض الجهوي دأب على اختلاسها.
واستغربت مصادر من إدارة الجمارك كيف أن عملية الاختلاسات التي امتدت لسنوات لم تكن تثير أي شكوك لدى الخزينة الإقليمية، قبل أن يتم تنقيل القابض الجهوي إلى مدينة آسفي، بعد قضائه 17 سنة في هذا المنصب بمراكش، وتعيين قابض جديد، وهو التعيين الذي تزامن أيضا مع وصول خازن إقليمي جديد، حيث تم الكشف عن هذه الاختلالات والاختلاسات المالية.
ووقفت لجنة التفتيش المركزية على اختلالات خطيرة في قسم المحاسبة، حيث إن القابض الجهوي فتح حسابا بنكيا باسمه لدى بنك المغرب، وتمكن من تحويل مجموعة من الشيكات الخاصة بإدارة الجمارك إلى حسابه الخاص. كما أن القابض تمكن من الاستيلاء على حوالي 9 ملايين أورو (أزيد من 9 ملايير سنتيم)، سبق وأن تم الحجز عليها بمطار مراكش المنارة، عندما كان أحد المسافرين يحاول تهريبها خارج المغرب دون سلوك المساطر القانونية، وعند وصول ملفه إلى المحكمة من أجل أداء الغرامة ومستحقات خزينة الدولة، تبين أن المبلغ الذي تم حجزه بالمطار من طرف إدارة الجمارك استولى عليه القابض الجهوي.
ومباشرة بعد وقوف لجنة التفتيش المذكورة على هذا الحجم من الاختلاسات والاختلالات، تمت إحالة الملف على الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال، ليتبين أن القابض الجهوي غادر التراب الوطني عبر رحلة جوية من مطار مراكش في اتجاه فرنسا يوم 26 يناير 2017، ومنها إلى أمريكا حيث صدرت مذكرة اعتقال دولية في حقه، فيما تم استدعاء العديد من الموظفين بإدارة الجمارك، حيث تم الاستماع إليهم من طرف الشرطة القضائية، ليقرر الوكيل العام متابعة «ع.ز»، المسؤول عن الصندوق في حالة سراح من أجل المشاركة في تبديد أموال عامة.
من جهة أخرى، فإن فضيحة اختلاس أزيد من 4 ملايير سنتيم، جعلت الإدارة العامة للجمارك تبعث بمسؤولين مركزيين من أجل تفتيش باقي الإدارات الجهوية، ليتبين أن القابض الجهوي بمدينة أكادير تورط بدوره في اختلاس الملايير من السنتيمات، وغادر التراب الوطني، فيما تمت متابعة أحد زملائه من أجل التزوير في محررات رسمية واختلاس أموال عامة، لتتم إدانته من طرف محكمة جرائم الأموال بمراكش بعشر سنوات سجنا.