امرأة من وجع
– أرجوك خذي صورة لفخذي الأيمن.
– ركزي على التقاط صورة لأنفي.
المسكينة جاءت إلى محل التصوير لتلتقط صورا توثق بها دليل إدانة زوجها، أنفها مكسور وجسدها موشوم بالأخضر والأزرق، عيناها منتفختان، وصوتها مجهد من كثرة الصراخ.
من دون أن تسألها الفوتوغرافية عن سبب سوء حالها، بدأت تسرد قصتها، إنه زوجها الجاحد، تعرفت عليه قبل أربع عشرة سنة، جاء من ضواحي مدينة بولمان، تنعته بـ»العروبي» وكأن انتماء الفرد للمجال غير الحضري يجعله خارج إطار المواطنين.. لم يكن أنيقا ولا لبقا، ولا متمدرسا، حتى وسامته تحتاج للكثير من الصقل لتظهر.. التقيا صدفة في مدينتها فاس، جاء للتعرف على المدينة برفقة أصدقائه فإذا بالقدر يضعها في طريقه، أحبها وشغف بها، أحبته وولهت به، ساعدته في العثور على عمل، بمجال إدارة الأعراس، حتى أصبح تخصصه تزيين وبيع الورد، وتأثيث صالونات الحفلات بأجمل ديكورات الورود.. ضحت معه كثيرا إذ كانت تشتغل في مصنع للخياطة، وبالليل تسهر على تعديل الورود وتنقيتها من الشوك المحيط بها، يخدش الورد كفيها حتى أن الجراح تتجاوز المعصمين..
كانت السعادة تملأ قلبها وهي تجمع الدرهم على الدرهم لتقتني بيتا يضمهما، وهي تعد الشهور لقدوم الوليدة الأولى فالثانية. خلال كل الانشغالات تكتشف الزوجة الوفية أن زوجها يخونها مع غيرها، بل ارتفاع درجة الجحود جعله يقرر أن يجعلها زوجته الثانية، تعرف عليها في مقهى خاص بتدخين النرجيلة،… أعجب بها وبدفء قربها، ظلا يتواعدان لأزيد من ثلاث سنوات، يقضي الليل معها يدخنان ويتغازلان في الوقت الذي كانت فيه زوجته الوفية تزين الورد وتتحمل لسعة شوكاته.. كانت تتعب في المعمل وتجهد نفسها لتجعله نموذج الرجل المثالي أمام عائلتها وعائلته، فإذا به يجعلها نموذج المرأة الغبية والمخدوعة.. عندما واجهته بغضب امرأة مجروحة، انهال عليها ضربا وشتيمة.. انتهت قصة حبهما بجريمة خداع لا قاض يعدل فيها..