النزعة القبلية والتمسك بالقرى حالا دون انخراط المغاربة في النقابات
يونس جنوحي
حتى الآن حوالي 40 ألف مغربي فقط منخرطون في النقابة. يضع الوطنيون الحرية النقابية على رأس مطالبهم الأساسية. في الوقت الحالي احتوتهم القيادة الشيوعية، التي توجد على رأس معظم المنظمات، وأدركوا أن أي تعاون مع الشيوعيين، مهما كان غير مطلوب، سيكون له تأثير قوي وسلبي على أهدافهم الخاصة.
هم الآن يزعمون أنهم لا زالوا يحتفظون بنفوذهم.
من المؤكد أن «حملة السلام»، المستوحاة من الشيوعية، فشلت فشلا ذريعا في المغرب، وفي الوقت نفسه عدد من العمال يعتقدون أن الشيوعيين أفضلُ المفاوضين على طلبات تحسين الأجور.
الواقع أنه لا الشيوعيون ولا الوطنيون يسيطرون على النقابات العمالية كما يدعون، إذ إن الشعور الجماعي يحتاج وقتا لكي يتطور، وفي الوقت الحالي يبدو أن النزعة الفردية الطبيعية الأكثرُ حضورا.
تأثر الوضع بعامل آخر هو الولاء القَبلي. العاملون في المصانع نزحوا من القرى، لكن طموح أغلب الرجال العودة إلى بلدهم، كلما كانت أجورهم أفضل اقترب موعد رحيلهم.
في بعض المناجم، على سبيل المثال، يتم الإبقاء على الأجور منخفضة عمدا، خلال الأشهر الثلاثة الأولى، لإقناع الرجال بالبقاء فترة أطول للعمل، ومع ذلك، فإن الشائع جدا أن الرجل يجدر به العودة إلى قريته بعد ستة أشهر من العمل، والعودة إلى العمل في المنجم لا تصبح مطروحة إلا عندما يمر بظرف عصيب أو عندما يجتاح الجفاف القرى. وفي كل الحالات سيعود إلى قريته في موسم الحصاد وفي الأعياد الدينية.
هناك أمر أثار اهتمامي باعتباره إشارة إلى مدى قوة روابط الولاء للقبيلة، وأيضا باعتباره تعليقا على الصعوبات التي تعرفها النقابات العمالية.
قامت إحدى شركات المناجم ببناء «مدينة»، أو بلدة محلية، لكي يسكنها عمال الشركة، لكن المشروع فشل. وقعت مشاجرات متكررة، وكان إهدار طاقة القوة العاملة كبيرا. بعد ذلك، وعند أخذ الشركة بنصيحة رجل مغربي، قامت ببناء عشر قُرى صغيرة، ومعها مساحات واسعة للزراعة، وخصصت كل قرية لمجموعة عائلات ينحدر أفرادها من القبيلة نفسها، والنتيجة كانت نجاحا كبيرا، إذ إن التحالفات العائلية وتوفر الأراضي الزراعية عاملان خفضا معدل الهجرة إلى القرى وساهما في إخلاء محيط المصانع إلى درجات متدنية.
وكما قلتُ سابقا، فإن أربعين ألف مغربي، من أصل 140 ألف مواطن يمثلون الطبقة القادرة على العمل، انخرطوا في النقابات وأتوقع أن تزداد أعدادهم مستقبلا.
في المستقبل القريب، يبدو أكيدا أنه سيكون هناك جدال محتدم وحاد حول الأجور التي يتلقاها المغاربة، والتي لا يتعدى معدلها نصف معدل الأجور الأوربية عن نوع العمل نفسه المؤدى عنه. ربما يكون صحيحا أن المغربي غالبا ما يكون عاملا أقل كفاءة، لكنه، في النهاية، يواجه التكاليف المرتفعة للمعيشة نفسها.
الحد الأدنى للأجور، بالنسبة للعمال غير المؤهلين، هو 45 فرنكا للساعة، أقل من «شلن» واحد. الشركات الأكثر إدراكا للتحديات تدفع أكثر. في معمل السكر، على سبيل المثال، معدل أجر العمال غير المؤهلين هو ستون فرنكا ويرتفع إلى 100 فرنك بالنسبة للعمال شبه المؤهلين.
صُرفت حوافز خاصة لرفع الإنتاج. إحدى الميزات المثيرة للاهتمام، هنا، كانت تشجيع العمال على تطوير أنفسهم، إذ كانت هناك دورات تدريب خاصة للتطوير، والمغاربة الذين حضروا الحصص وحصلوا على درجات جيدة أثناء التقييم، أصبحوا يتلقون أجورهم وفق المعدل الأوروبي.