المسيح الدجال
بقلم: خالص جلبي
حسب الروايات أنه سيخرج في آخر الزمان رجل يفتن الناس، فيقول كما حصل مع دجال سيرغينة (المغرب) إن الجبال تنشق فتخرج كنوزها فيهرع إليها الآلاف من المغفلين، أو تجري على يديه المعجزات فتخر له الجباه ساجدين، ويمضي في قتل رجل فيفلقه نصفين، ثم يقول لهما اجتمعا، فيجتمعا والناس تنظر بذهول.
مقالتي هنا تبحث تطورات خطيرة تعصف بالمنطقة؛ والشباب في حالة فزع واضطراب من الزلزال العقلي الذي يعصف بالمنطقة، مظهره الخارجي سياسي وباطنه فكري، كما رأينا في بشار البراميلي وهو يقتل مليونا من سكان بلد يحكمه، لينتصر نظام على جثة بلد، ما يذكر بالجنرال غرازياني الفاشي، حين وصل إلى الكفرة في جنوب ليبيا، ثم كيف ألقى القبض على عمر المختار وشنقه، والرجل شيخ واهن في الثمانين. ولكنه بالشهادة تحول إلى أيقونة وطنية، أما القذافي فله اللعنة وسوء الدار. وحاليا نهض من رماده من يحاول أن يحيي صنما ميتا، لبئسما سولت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم.
المهم ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة رجل يحمل اسم نبيين محمد والمسيح، ولكنه يخجل ويتعفف من الصلاة على نبي الرحمة، باعتبار أنه يقوم ببحث موضوعي كذا! أما عيسى بن مريم فهو أبعد عنه بمقدار نصف قطر الأندروميدا. هو أقرب لقصة المسيح الدجال، قال لي من حولي: «لا ليس اسمه محمد والمسيح، ولكن اللهجة المغربية تخرج الاسم على نحو مختلف».
المهم في بحثي هذا أن أمطار هؤلاء تردني يوميا، ومن العجيب أنني التقي كل يوم بصنفين من الناس لا يقتربون من الحل إلا بعدا، بين أذكياء خبثاء وأتقياء سذج.
ففي يوم واحد ركض إلي صديقي المغربي جذلان فرحا أنه عثر على الكنز، كما في رواية القرصان سيلفر بساق واحدة وقصة جزيرة الكنز. قال لي وهو يريني أنه أخذ مباركة المسيح ووقع له على كتابه المسمى بـ(مخطوطات القرآن).
ولأن وقتي محتشد وثمين، فأعرف هذه الزمزمة ولكن ما يتكشف أمامي شيء مذهل من ضياع الأمة، بين أحمدي ولوطي وشيعي وشيوعي وقادياني وبهائي وناصري ونصراني وأصناف من شهود يهوه والمورمون، أو من يدعو لتجمعهم بدعوى الحريات والديموقراطية، وخلفهم مؤسسات تمدهم بمال ومخابرات ذكية، تلقي السموم في عقول الشباب.
نرجع إلى صديقنا حامل اسم أعظم نبيين في التاريخ؛ فيزعم أن هناك نسخا كثيرة للقرآن ضاع معظمها، وأن القرآن الموجود بين أيدينا ضاع معظمه، وأن عبد الله بن مسعود كان يحتفظ بنسخته الخاصة، وحين تم تعميم النسخة الأخيرة قام بالتمرد، وحرض أهل الكوفة على الثورة ورفض الأمر الواقع (ص24). طبعا كل هذا يذكره، وتماما للعلمية والموضوعية، فهو يتعفف أن يتلوث قلمه بالصلاة على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. ويضيف صاحبنا أن تعدد المصاحف ترتب عنه شيء خطير للغاية، أن المسلمين بدؤوا يكفر بعضهم بعضا (ص23).
بل وإن مقتل عثمان كان بسبب فرض نسخته على الناس، فتمردوا وقتلوا الرجل في ما عرف بالفتنة، وبالطبع يمكن أن يقول الإنسان أي قول. والبارحة أرسلت إلي سيدة فاضلة لا أشك بتقواها وعقلها، عن رجل اسمه الخرباوي، أن حسن البنا كان ماسونيا ومن عائلة يهودية، وهو الذي قتلته المخابرات البريطانية، بالتعاون مع فاروق، وعمره 42 عاما وتركوه ينزف حتى الموت. وهكذا تحت هذا الاسم يمكن قذف أي شخص، وأنا قرأت للبنا كتابه في «مذكرات الدعوة والداعية»، وأعرف تماما أنه والنبهاني المقدسي حين رأيا انهيار الخلافة العثمانية، حاولا استعادة جثة ماتت، فولدت الحركتان واحدة في مصر والأخرى في القدس، وهي محاولة يطمح إليها ربما أردوغان في تركيا، ولكن الوقت تغير والدول الآن تبنى ليس على الروح الإمبراطورية، بل العدل والإحسان إلى الناس، وإلا ما معنى أنني ودعت ديار البعث إلى يوم البعث ورحلت إلى كندا. وتمنيت في ديار الأعراب أن يتنبهوا إلى الكفاءات فيمنحوها الأمان والاستقرار ويكسبوها، فليست الكفاءات تحصل كل يوم. وقبل أيام دفنا في مونتريال أستاذا جامعيا من وراء كورونا، والرجل ترك الجامعة السورية وسوريا ليدفن في أرض العدالة كندا.
أرجع إلى المسمى بالمسيح فهو يقول إنه ليس ثمة توثيق لأي شيء على الإطلاق، لا التسجيل فليس ثمة طرق أكيدة موثوق بها لكتابة المصحف، ولا من كتب، ولا النسخ الأولى للقرآن فثمة نسخ كثيرة متضاربة، وإن النسخة الوحيدة ضاع منها الكثير، فمثلا سورة الأحزاب كان طولها بقدر سورة البقرة، وإن آيات كثيرة طارت، بل إن رسول الرحمة (ص) حين يسمع من يقرأ القرآن عليه يقول سبحان الله لقد نسيتها. ويمضي صاحبنا إلى أكثر من هذا فيقول فهمونا ماذا تعني القراءات هل هي سبع أم عشر، أم زادت عن 1900؟
مسكين الرسول (عليه أفضل الصلاة والتسليم)، نسي وسها عما جاءه من الذكر الحكيم. علينا إذا أن نسمع لترهات من هنا وهناك ونقول: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا، أو قال أوحي إلي، ولم يوح إليه شيء، ومن قال سأنزل مثلما أنزل الله، ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وبما كنتم تفترون.