النعمان اليعلاوي
عرى تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم تقديمه بالرباط، حول «فعلية الحق في الصحة في المغرب، التحديات والرهانات ومداخل التعزيز»، واقع قطاع الصحة العمومية، إذ بين أن الوضعية الحالية التي يعيشها قطاع الصحة من حيث التمويل، حيث لا تتعدى الميزانية المرصودة للوزارة الوصية 6 إلى 7 في المائة من الميزانية العامة، عوض 12 في المائة الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية، «لا تساهم في تطوير القطاع». وسجل المجلس أن «هذه النسبة في المغرب تبقى أقل بكثير مما هو قائم في دول قريبة، مثل الجزائر التي تبلغ فيها 10.7 في المائة، و13.6 في المائة في تونس، و12.4 في المائة في الأردن، كما أن الإنفاق الصحي بالمملكة يبقى أقل من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من المعدل العالمي الذي يبلغ 10 في المائة».
ومن جانب آخر، أشار التقرير الذي قدمته أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى «ضرورة مواجهة إشكالات وكلفة المقاربة الاستشفائية الباهظة، وذلك بإيلاء أهمية خاصة ومتجددة للفئات الهشة، خاصة الأم والطفل، والصحة الإنجابية والجنسية، والأشخاص في وضعية إعاقة، والمسنين، والمهاجرين واللاجئين، والصحة النفسية والعقلية، والتغطية الصحية الشاملة». وأبرزت الوثيقة أيضا «أهمية التكوين والبحث العلمي كرافعة لتعزيز السيادة الوطنية في مجال الصحة، داعية إلى بلورة استراتيجية وطنية طويلة الأمد ومندمجة لتوطيد ضمان فعلية الحق في الصحة، سواء خلال إعداد برامج التنمية على المستوى الوطني أو الجهوي، أو بمناسبة تفعيل وأجرأة بعض الشراكات التي تربط المجلس مع الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، بهدف تطوير وتعزيز منظومة البحث المتعلقة بفعلية الحق في الصحة».
وكشف التقرير أرقاما صادمة بخصوص الأطر الصحية والأطباء، مسجلا الخصاص الكبير في عدد الأطر الصحية، حيث يعمل بالمغرب 23 ألف طبيب ويحتاج إلى 32 ألف طبيب إضافي، حسب المعايير الصحية لمنظمة الصحة العالمية، كما أنه في حاجة كذلك إلى أزيد من 65 ألف مهني صحي، ومن المتوقع أن تتزايد هذه الحاجيات من الأطر البشرية بشكل متسارع في المستقبل بسبب مجموعة من العوامل، على رأسها تعميم التغطية الصحية، والنمو الديموغرافي للسكان، وشيخوخة المجتمع وانتشار الأمراض المزمنة وطويلة الأمد.
واعتبر المجلس أن أعمق المشاكل التي تواجه قطاع الصحة، نزيف وهجرة الأطباء والأطر الصحية، حيث تقدر الإحصائيات أنه مقابل 23 ألف طبيب مغربي يمارسون بالمغرب، هناك ما بين 10 آلاف و14 ألف طبيب مغربي يمارسون ببلاد المهجر، سيما بالبلدان الأوروبية، وهو ما يجعل واحدا من كل ثلاثة أطباء مغاربة تقريبا يمارسون بالخارج، رغم الحاجة الملحة للمغرب إلى كل أطبائه، بل للمزيد منهم.