شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الكرة تسقط قناع السياسات

 

ما زالت كرة القدم المغربية هي المصدر الأول لإنتاج السعادة وإدخال الفرح في قلوب المغاربة، ولا تزال إنجازات “أسود الأطلس” في كل الفئات العمرية والجنسية هي من يحقق لهذا البلد أطنانا من الرأسمال اللامادي والمادي، والدليل على ذلك موجة الفرح التي عرفتها بلادنا، أول أمس، بعد فوز المنتخب الوطني لأقل من 23 سنة بكأس أمم إفريقيا لأول مرة في تاريخه، وضمان بطاقة المشاركة في أولمبياد باريس، بعد حوالي عقدين من السنوات العجاف أولمبيا.

بلا شك أن مرحلة الازدهار التي تمر منها كرة القدم المغربية، والتي جعلت بلدنا ضمن الدول الأكثر تداولا على محركات البحث في المواقع الإلكترونية والافتراضية، مع ما يحققه ذلك على المستوى السياحي والاستثماري ليست وليدة الصدفة، فلا يمكن لهذه النجاحات المبهرة التي تحققت في ظرف سنة واحدة، وفاقت ما أنجز طيلة ثلاثة عقود، أن تكون مجرد ضربة حظ متكرر، بل ثمار سياسة رياضية قادها رجل قادم من هوامش بركان اسمه فوزي لقجع، وفر كل الشروط المادية واللوجستيكية والإدارية للنجاح، وهو نتيجة لسياسة التنقيب عن المواهب، سيما داخل أبنائنا من الجالية الذين لم يترددوا في حمل قميص منتخب وطنهم، رغم كل الإغراءات والوعيد الذي تعرضوا له.

لذلك من حقنا جميعا أن نكون فخورين بهذه الحصيلة المشرفة، بل ويجب أن ندافع عنها دون خجل تجاه حملات التبخيس والتيئيس والتجييش والحقد المجاني تجاه أي إنجاز يرفع من قيمة البلد، لكن في الوقت نفسه علينا أن نطالب بإنجازات من الحجم ذاته في مجال السياسات التعليمية والصحية والتشغيلية والإدارية والطاقية والغذائية، فلا يعقل أن تتحول الإنجازات المحققة في كرة القدم إلى جدار لإخفاء الفشل في سياسات اجتماعية ذات أولوية.

صحيح أن الإنجازات المحققة في كرة القدم جعلت المغرب في مصاف الدول ذات الصيت الكروي، لكنها في الوقت نفسه أسقطت كل الأقنعة في السياسات العمومية الأخرى، واليوم حينما ينظر المواطن إلى ما ساهم فيه العضو في الحكومة الوزير لقجع من إنجازات رياضية مهمة، فإنه يرمي بأنظاره إلى العجز الحاصل في المجالات الاجتماعية، ويطالب مسؤوليها بأخذ العبرة من كون العمل الدائم والخبرة والكفاءة والجرأة هي من يصنع الإنجازات، وليس الوعود والنوايا الحسنة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى