الفقيه اللي نتسناو براكتو
لدى حزب العدالة والتنمية محكمة داخلية اسمها لجنة النزاهة والشفافية، حينما تحيل جهة ما، سواء أكان جهازا أو عضوا بحزب العدالة والتنمية، قضية على قسم النزاهة والشفافية كي ينظر فيها، فإنهم يسمونها إحالة، وعندما يقرر القسم فتح مسطرة في قضية معينة دون وجود طلب مسبق من هذه الجهات، فإنهم يسمون ذلك، وضعا لليد.
عندما نشرنا صور البرلمانية آمنة ماء العينين بدون حجاب في باريس وتأكد الحزب من صدقية الصور قام الرميد رئيس هيئة الشفافية والنزاهة في الحزب باستدعاء البرلمانية وحاسبها حسابًا عسيرًا على ما قامت به، رغم أن ما فعلته حرية شخصية كان عليها فقط أن تتحلى بالشجاعة الأدبية والسياسية وتتحملها بوجه مكشوف عوض أن تتشبث بالإنكار وبالتالي تقبل بوضع نفسها موضع المذنب الذي عليه أن يبرر فعلته.
وكان من نتائج هذه المحاكمة قرار للأمانة العامة للحزب بالإطاحة بالنائبة البرلمانية أمينة ماء العينين من منصب النائب السابع لرئيس مجلس النواب، ولم يخسر عليها الرميد سوى جملة قالها لأحد المواقع يقول فيها إن أمينة ماء العينين “دوزت وقتها”، مشيرا إلى أن حزب المصباح حزب حي.
عندما نشرت الصحافة أن عبد السلام بلاجي، عضو مجلس مدينة الرباط، باع أراضي مملوكة للجماعة بثمن زهيد، قامت اللجنة باستدعائه للمثول أمامها. وكذلك فعلت عندما حققت في ما نشرناه من كون مطبعة بنكيران استفادت من الدعم العمومي، ومن كون الخلفي تدخل لابن الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح آنذاك للحصول على عمل بأحد المؤسسات العمومية.
لكن الظاهر أن المتهمين الذين يمثلون أمام محكمة التفتيش هذه لا يلقون جميعهم العقاب الذي يناسبهم، لأن القضية فيها “نتا ووجهك”، فهناك من يتم اتخاذ قرار إقصائه وهناك من يتم غض الطرف عن كوارثه، وكما قال الشافعي: وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ ولكن عين السخط تبدي المساويا.
اليوم رئيس هذه اللجنة هو مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، فهل سيعرض نفسه على نفسه في قضية ملأت الدنيا وشغلت الناس تتعلق بعدم تسجيله لكاتبته التي توفيت مؤخرا والتي اشتغلت معه 24 سنةً في صندوق الضمان الاجتماعي؟
هل سيتخذ في نفسه القرار المناسب الذي ليس شيئًا آخر سوى تقديم طلب الإقالة، أم تراه سيستمر في الاحتماء بصمته محتقرًا مطالب الرأي العام بتوضيح موقفه مما يتم اتهامه به؟
ثم هناك سؤال آخر موجه إلى وزير الشغل، الآن بعدما ثبت أن مكتب محاماة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني شغل مستخدمة لما يفوق 22 سنةً دون أن يسجلها في صندوق الضمان الاجتماعي، هل سيعطي وزير الشغل، بوصفه رئيس المجلس الإداري لهذا الصندوق والوزير المستأمن على حقوق الطبقة الشغيلة، الأمر لمفتشي الصندوق للقيام بزيارة تفتيشية لمكتب محاماة زميله الوزير للتأكد مما إذا كان بقية المستخدمين مسجلين بالصندوق أم لا؟
وهل بعد أخذه علمًا بهذه النازلة سيرتب الأثر القانوني على هذا الإخلال بحق من حقوق أجيرة ماتت بعد معاناة مع المرض دون أن تستفيد من حق من حقوقها الأساسية في التغطية الاجتماعية التي يتغنى بها وزير الشغل هذه الأيام؟
نتمنى معالي وزير الشغل أن ينتصر حس المسؤولية لديكم وأن لا تكون القرابة الحزبية التي بينك وبين وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عائقًا أمام تطبيق القانون، وإلا سنكون بصدد قوانين تطبق على الضعفاء وتستثني الأقوياء، حينها لن يبقى من معنى لهذه القوانين، وبالتالي لن يبقى من معنى أصلا لوجودكم.