النعمان اليعلاوي
أثار بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون الذي تدعو فيه السلطات القضائية للإسراع بإيجاد الحلول لمشكل الاكتظاظ وما قد يترتب عنه من انفلاتات أمنية، غضب القضاة، حيث عبرت رابطة قضاة المغرب عن رفضها لأي مساس باستقلالية القضاء. واستغربت الرابطة في بلاغ لها ردا على المندوبية، تحميل السلطة القضائية مسؤولية الاكتظاظ والتزايد المهول الذي تعرفه المؤسسات السجنية، الناتج عن ارتفاع وتيرة الاعتقال. فيما عبرت الرابطة عن رفضها المطلق لأي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية، أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح.
ورفضت رابطة القضاة أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي، والذي لم يغيب يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية واستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب، وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا. مشيرة إلى أن المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هو رئاسة الحكومة، باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها إلى توفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمتين لحل هذه المعضلة. مشددة على أن الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين، تحسبا لكل إفلات من العقاب، وتحقيقا للردع بنوعيه العام والخاص، سيما وأن المغرب الذي أصبح سكانه يفوقون 40 مليون نسمة، عرف في السنوات الأخيرة تفاقما مضطردا للجريمة، كما وكيفا.
وثمن المصدر ذاته المبادرة التشريعية المرتقبة لتعديل القانون الجنائي على مستوى إحداث بدائل الاعتقال الاحتياطي، مع العمل على التسريع بدخولها حيز التنفيذ. فيما دعا المندوبية إلى الاطلاع على المجهودات التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال، وذلك من خلال الدوريات المتعددة والمتتالية الصادرة عن كلا الجهتين.
بلاغ رابطة قضاة المغرب، جاء بعدما أعلنت المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج أن عدد السجناء بالمؤسسات السجنية قد بلغ بتاريخ 07 غشت الجاري ما مجموعه 100004 سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64600 سرير. وأشارت المندوبية في بيان لها، إلى أنه لتقريب الصورة أكثر إلى الرأي العام بخصوص الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، فقد بلغ على سبيل المثال عدد السجناء بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء ما مجموعه 10877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3800 سرير.
ولفتت إلى أنه من المرتقب أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا، إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع. كما عبرت عن قلقها البالغ لتسجيل هذا التزايد المهول، مطالبة السلطات القضائية والإدارية بالإسراع في إيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة على المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب، والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج.