شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

الحرب الثالثة

 

 

محمود حسونة

 

 

الحروب كائنات حية، تنمو وتكبر، تتسع وتتمدد، تستمد حياتها من حياة من يشعلها ومن يرعاها ويدعمها ويمنحها ما يضمن بقاءها وإطالة أمدها، تتوقف وتموت حال تخلي الداعمين عنها وتوقف الرعاة عن تغذيتها بالبارود والأسلحة، والحروب قد تبدأ صغيرة وتكبر حتى تلتهم بشرا ومدنا ودولا، وقد تبدأ كبيرة وتصغر حتى تتلاشى وتموت، والحرب الروسية الأوكرانية، بدأت «عملية روسية خاصة» ضد أوكرانيا، حسب توصيف الرئيس بوتين لها، وكان طبيعيا أن تدافع أوكرانيا عن نفسها لتكون حربا روسية أوكرانية، ولكنها تجاوزت ذلك بمجرد اشتعالها؛ حيث تدخلت أمريكا والغرب فيها بالدعم والرعاية والتمويل والتخطيط، لتتحول إلى حرب روسية غربية على أرض أوكرانيا، ثم ما لبثت أن تمددت واتسعت رقعة معاركها لتطال أراضي روسية، وتحفز «الناتو» لحشد ما تيسر من آليات وجنود على حدود الدول الأعضاء المتاخمة لروسيا ومحاصرتها.

كانت البداية بأسلحة النزاعات التقليدية، وتطورت لتدخل فيها أحدث الأسلحة التي أنتجتها مصانع الإبادة في أمريكا ودول أوروبا في مواجهة أحدث الأسلحة الروسية، واليوم تزود الولايات المتحدة الجيش الأوكراني بالذخائر العنقودية المحرمة دوليا، والتي لا تكتفي بحصد الأرواح وتدمير البنى التحتية والمنشآت في الحاضر فقط، ولكنها تترك مخلفات للانفجار في أجيال المستقبل، وهو ما يجعل استخدام روسيا للذخائر العنقودية التي أنتجتها مصانعها ويصفها الخبراء العسكريون بأنها أشد فتكا أمرا مبررا.

السؤال الذي يشغل العالم حاليا هو: هل يمكن أن تشعل العملية الروسية الخاصة ضد أوكرانيا حربا عالمية ثالثة؟ الإجابة نعم.. نعم لأن الخط البياني التصاعدي للحرب القائمة يمكن أن يوصل إلى حرب عالمية، وما يدعم ذلك تصريحات مسؤولين كبار في الجانبين، ففي روسيا حذر الرئيس بوتين من اندلاعها بتصريحات غير مباشرة «يواجه العالم أخطر عقد في تاريخه منذ الحرب العالمية الثانية»، بينما كان ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أكثر وضوحا، وحذر من أن زيادة حلف الناتو مساعداته العسكرية لأوكرانيا تقرب الحرب العالمية الثالثة.

في المقابل فإن شخصيات سياسية وبرلمانية وإعلامية أمريكية ترى أن سياسات بايدن في أوكرانيا ستشعل حربا عالمية، وعلى رأس هؤلاء الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي المحتمل دونالد ترامب، الذي قال إن قرار بايدن إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا يجر الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثالثة، وأيضا النائبة مارغوري تايلور غرين، عضو الكونغرس الأمريكي، التي قالت: «‏نحن لا نخوض فقط حربا بالوكالة مع روسيا النووية، ونجعل أمريكا على شفا الحرب العالمية الثالثة عن طريق إرسال الطائرات والصواريخ وغيرها من المعدات إلى أوكرانيا، بل نعمل بنشاط على استنزاف مواردنا العسكرية، مما يجعل بلدنا عرضة لخصومنا». أما بايدن نفسه فقد تحدث عنها مرارا بشكل ملتوٍ، مدعيا أن استمرار الحرب في أوكرانيا يمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة.

استفزاز الغرب لروسيا لم يتوقف عند حدود موجات العقوبات الاقتصادية والسياسية والفنية والرياضية التي فرضت عليها تباعا، ولم يتوقف عند شلالات التصريحات الإعلامية لمختلف قادة الغرب لها والتي لا تحمل سوى التهديد والوعيد بالويل والثبور لموسكو وقيادتها، ولا بالرحلات المكوكية لقادة أمريكا والغرب إلى كييف والتي تحولت إلى مزار لكل من يريد أن يسكب بنزينا على النار، ولكنها وصلت إلى اختيار الدول المجاورة لروسيا والتي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي السابق لعقد مؤتمراتها وقممها، وآخرها قمة الناتو التي تم عقدها في ليتوانيا وخرجت منها تصريحات تجعل الدب الروسي يفقد عقله ويفعل ما لم يفعله منذ اندلاع الحرب وحتى اليوم؛ لحماية عرينه ممن يريدون هدمه أو على الأقل تخريبه.

ومثلما يمكن أن تندلع الحرب الكونية من بوابة تايوان التي تريد الصين استعادتها وتقف أمريكا لها بالمرصاد، فإن تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بذخائر عنقودية، يمهد الطريق أمام استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ويحولها إلى حرب عالمية، لا ينهيها سوى السلاح النووي الذي يمكنه إفناء البشرية، ومن سيفلتون منه سيكونون مشوهين لا يصلحون لإعادة إعمار الكوكب.

 

نافذة:

تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بذخائر عنقودية يمهد الطريق أمام استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ويحولها إلى حرب عالمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى