الجالية في مهب الريح
ما زالت عملية إصلاح القوانين والمراسيم والمؤسسات المتعلقة بالجالية تراوح مكانها، بعد مرور حوالي سنة على الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، الذي دعا فيه إلى إحداث آلية خاصة تواكب كفاءات ومواهب الجالية المغربية، وإصلاح وتأهيل المجلس الاستشاري للجالية، واتخاذ كل ما يلزم من القرارات والإجراءات لربط مغاربة المهجر بوطنهم الأم. وفي مقابل هذا التأخر غير المبرر، تنشط آلة شيطانية رهيبة داخل مواقع التواصل الاجتماعي تنشر كل يوم كما هائلا من الوحل الإعلامي و«الأخبار» الزائفة، والإغراق في مستنقع التبخيس والتيئيس، وضرب صورة ومصداقية المؤسسات السيادية.
إنه بقليل من المجهود نشعر أن هناك حركية إعلامية غير مسبوقة في شكل حروب افتراضية تخاض ضد المغرب أضحت تؤثر وبشكل كبير على المزاج العام للجالية، وهناك خطر كبير في حال استمرار منهج اللامبالاة، حيال خلق جو نفسي جماعي سلبي داخل نسيج مغاربة العالم تجاه وطنهم ومؤسساته.
إن ما تتلقاه جاليتنا يوميا وكل دقيقة من أخبار وإشاعات زائفة حول صورة المغرب، وما يحدث داخله من تجاوزات خطيرة في حق مؤسسات سيادية وأمنية من لدن «يوتوبرات»، بعضهم معروف التوجه وبعضهم الآخر يظلون مجهولي الدوافع، لا تقابلها أي استراتيجية رسمية وغير رسمية مضادة لمواجهة ولإيقاف هذا الزحف الذي أصبح يتلاعب بقلوب وعقول جاليتنا بالخارج.
فالعديد من الصفحات والحسابات والقنوات التي تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتقوم بدور مشبوه يستهدف أمن واستقرار البلد، لا تجد من يجاريها من المؤسسات التواصلية مع الجالية ويوضح تهافتها ويفند إشاعاتها، حتى أصبح المشهد التواصلي مع الجالية حكرا فقط على الأفكار الهدامة، بينما انسحبت المؤسسات الموكول إليها دستوريا الدفاع عن مصالح الجالية من الميدان التواصلي، تاركة الملعب فارغا لمن هب ودب.
إن استهتار المؤسسات المعنية بشؤون الجالية بمواجهة الهجوم العنيف على الدولة بأساليب مقيتة وصلت إلى درجة الافتراء على الحياة الخاصة لرموز الدولة، وإغـراق مقصود للتيئيس والتبخيس والتهييج الذي يهيمن، ستكون كلفته غالية وسط مغاربة العالم، وإن حرب البروباغاندا المعلنة على بلدنا التي لا تعرف الهدنة تستلزم مواجهتها بمحتويات وطنية وأخلاقية، وبدعم لا مشروط للمبادرات الإعلامية التي تحمي قيم وقناعة المغاربة داخل المغرب وخارجه، والتوقف عن دعم قنوات الصرف الصحي التي تشوه سمعة البلد يوميا، وهي تقتات على أعطابه وعاهاته، وتقدمها للخصوم على طبق من ذهب.
إن الحاجة اليوم ماسة إلى تطوير أداء مؤسساتنا الرسمية والإعلامية، والخروج بها من دائرة السكون واللامبالاة إلى دائرة الفعل المؤثر والبناء.