الأمن القومي الإلكتروني
رقم مقلق بالفعل كشف عنه عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، جوابا عن سؤال برلماني، حينما أعلن أن عدد الهجمات السيبرانية التي حاولت استهداف المغرب، خلال سنة واحدة، بلغ 577 محاولة اختراق من أجل شل الأنظمة أو البنيات التحتية الحساسة، وتغيير المعطيات أو محوها أو سرقة المعلومات الحساسة التي لم يتم تأمينها بشكل صحيح.
ومن حسن حظنا أن تلك الهجمات لم تسفر عن خسائر تذكر، ولم تمس المرافق الحرجة الخاصة بمنظومتنا الاقتصادية والمالية وكذلك البنية التحتية، ومن بينها محطات المياه والكهرباء والمحطات النووية ومحطات القطارات ووسائل المواصلات العامة والمطارات، وهي مرافق عادة ما تكون الاستهداف الأساسي للحروب السيبرانية، وهذا بفضل المجهودات التي تقوم بها مديرية أمن المعلومات بإدارة الدفاع الوطني، التي تشرف على حماية حدودنا الإلكترونية من الاختراقات المتتالية. لكن المؤكد أن الهجمات السيبرانية على إداراتنا ومؤسساتنا العمومية لن تتوقف، فهي حرب لا تعلن عن نفسها ولا تاريخها، ولا يقوم بها العدو فقط، بل قد يكون مصدرها الصديق أيضا، وهي تختلف كلية في تفاصيلها عن الحروب التقليدية، سواء باختلاف تشكيلات المعركة أو مسرح العمليات الرئيس الذي تحوّل إلى فضاء الافتراضي، مستغلا التقنيات الحديثة.
قد يبدو للبعض أن الحروب السيبرانية نوع من الترف الذي لا يهم عيش المواطن في شيء، وهذا انطباع خاطئ، فالحروب الإلكترونية قد تعطل أجر الموظف، ونظامه الصحي والتعليمي، وقد تتلاعب بوثائق المواطن وتجعل معطياته الشخصية بأيدي السماسرة والمتاجرين في المعلومات، وقد يمتد أثرها إلى كل ما يمكن أن يتوقعه الشخص من أضرار مادية، وهو ما يفرض على بلدنا تحديات واسعة، لا تتوقف عند حد الرد التقني أو التكنولوجي، إنما أيضا تحديات ذات طبيعة سياسية واقتصادية وتشريعية غير مسبوقة.
صحيح أننا نتوفر على عيون لا تنام مهمتها رصد الهجمات السيبرانية، كما أن لدينا سلاح الردع السيبراني، والأكيد أن حماية معطياتنا الخاصة والعامة من اعتداء، لا تقل عن حماية الحدود المادية والدفاع عن الأرواح والممتلكات، خصوصا وأن التنظيمات الإرهابية والانفصالية التي لم تستطع مجاراة أجهزتنا الأمنية والعسكرية على أرض الواقع، تبحث جاهدة لجعل الهجمات السيبرانية سلاحها الأساسي لتحقيق أهدافها الدنيئة.