شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفنملف التاريخ

الأمريكيون تخوفوا من مشاكل التلفزة أثناء زيارة جاكلين كينيدي للمملكة

يونس جنوحي

 

تقارير أمريكية كثيرة تلك التي تناولت «ما يُحكى» عن التلفزيون المغربي في الفترة ما بين تأسيسه سنة 1962 وسنة 1970. إذ إن السفارة الأمريكية في الرباط اهتمت بأحداث سنة 1963، والطريقة التي تناول بها التلفزيون الانتخابات وأولى الجلسات البرلمانية التي نُقلت بالصوت والصورة.

كانت التقارير الأمريكية تتحدث عن صعوبات كبيرة لتعميم التلفزيون في المغرب. وفي تلك الفترة سوف يتم إدراج المغرب في لائحة الدول التي سوف تستفيد من مشروع لمحاربة الأمية عبر التلفزيون.

سوف نأتي لاحقا إلى تفاصيل هذا المشروع الذي لم ير النور للأسف، لكن قبل ذلك، دعونا أولا نرى كيف كان الأمريكيون يُقيمون التلفزة المغربية. إذ إن موظفي السفارة الأمريكية في الرباط، بالإضافة إلى عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية CIA  في شمال إفريقيا، كانوا يواكبون ما وقع من أحداث، مثل ملاحقة المطلوبين أمنيا ومحاكمة الاتحاديين، والذين كان من بينهم عدد مهم من أعضاء الخلايا السرية للمقاومة، والذين اتُهموا بمحاولة إدخال السلاح إلى المغرب. وكانت وكالة الاستخبارات الأمريكية مهتمة فعلا بمعرفة كل التفاصيل عن الأنشطة التي تمارسها المعارضة، خصوصا وأن التهم الموجهة إليها لم تكن هينة أبدا.

أين التلفزيون المغربي من كل هذا؟

ما وقع أن سنة 1963، تميزت بحدث جمع الولايات المتحدة والمغرب، وهو زيارة «جاكلين كينيدي»، زوجة الرئيس الأمريكي الشهير كينيدي، إلى المغرب لقضاء عطلة اهتمت بها الصحافة الأمريكية وقتها كثيرا.

 

جاكلين عندنا..

قبل وصول جاكلين كينيدي إلى المغرب، يوم 13 أكتوبر 1963، نقلت السفارة الأمريكية في الرباط تقارير إلى واشنطن عن الحالة الأمنية والسياسية في المغرب. وكانت تلك التقارير مطمئنة جدا، خصوصا وأن الرئيس الأمريكي كينيدي كانت تجمعه مع الملك الحسن الثاني صداقة وطيدة جدا، ولم تكن الضيافة في المغرب مصدر هاجس للإدارة الأمريكية. إذ إن المغرب لم يكن مصنفا في لائحة الدول التي يُنصح الأمريكيون بعدم زيارتها «لدواع أمنية».

لكن أكثر ما هم الأمريكيين هو وضع التلفزة المغربية، خصوصا وأن العطلة التي أرادت «جاكلين كينيدي» قضاءها في المغرب، قد تجذب اهتمام الصحافة المغربية، ولم يكن الأمريكيون يرغبون في أن تظهر السيدة الأمريكية الأولى بمظهر مختلف عن الصورة التي ينقلها الإعلام الأمريكي.

لا مجال طبعا للمقارنة بين التلفزيون الأمريكي ونظيره المغربي، إذ إن الأمريكيين كانوا قد وصلوا إلى مراحل متقدمة خصوصا وأن التلفزيون في الولايات المتحدة كان قد راكم وقتها، أي سنة 1963، ما يزيد عن أكثر من عشرين عاما من الخبرة في التغطيات والنشرات الإخبارية والبرامج التوثيقية الخاصة. على عكس الوضع في المغرب، حيث لم يكن مضى على بداية العمل التلفزيوني سوى عام واحد فقط، وهي مدة لم تكن تسمح بمراكمة تجارب في تغطيات أنشطة الشخصيات الكبرى، بالإضافة إلى ضعف شبكة البث، وهو الموضوع الذي تناوله تقرير من مكتب السفير الأمريكي في الرباط إلى واشنطن قال فيه إن المغرب لا يزال يعاني من مشاكل ميدانية بخصوص تعميم البث التلفزيوني، وأن بعض النقط يكون فيها البث مستحيلا وبالتالي لم تكن ممكنة تغطية الأحداث منها أو نقلها عبر التلفزيون.

لكن «جاكلين» كينيدي، بحسب ما ذكرته صحف أمريكية وقتها، لم تكن ترغب في ملاحقة أضواء الكاميرات لها خلال عطلاتها، والظاهر أيضا أن الأمر كان يناسبها جدا للهروب من ملاحقة وسائل الإعلام والمصورين العالميين لها أثناء أغلب تنقلاتها.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، وحدها، تضم مئات المصورين «القناصين» الذين كانوا يلاحقون جاكلين كينيدي في كل رحلاتها وسفرياتها الخاصة أو التي تدخل في إطار لقبها «السيدة الأولى» في الولايات المتحدة. ولن يضير السيدة الأولى أن تهرب قليلا من الكاميرات ووميض أضواء الصحافة التي تلاحقها إلى كل مكان، لكن «الإدارة» كان لديها هاجس آخر.

كان هناك تخوف، حسب تقرير السفارة الأمريكية الذي أرسل من الرباط إلى واشنطن في شتنبر 1963، قبل الزيارة بأسبوعين تقريبا، نبه إلى أن تغطية وصول جاكلين كينيدي إلى المغرب قد تعتريه بعض المشاكل، وتجب مراعاة أن تظهر السيدة الأمريكية بصورة مرضية حتى تعكس الثقافة الأمريكية وتترك انطباعا جيدا لدى المغاربة.

لا توجد معلومات كافية، للأسف، عن مصير «فيديو» توثيق وصول جاكلين كينيدي إلى المغرب في تلك الزيارة، والذي يفترض أنه بُث على شاشة التلفزة المغربية في نشرة الأخبار ليوم 13 أكتوبر 1963، إلا أن تقريرا من أرشيف CIA تحدث عن توثيق التلفزة المغربية للحظة وصول جاكلين إلى المغرب، وأوصى التقرير الذي جمع في ملف متابعة قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ما بين 1961 و1965، بأن عملاء الاستخبارات الأمريكية راقبوا ما كتبته الصحافة المغربية عن زيارة جاكلين كينيدي إلى المغرب، وأوردوا أن الصحافة لم تعارض زيارة السيدة الأمريكية الأولى، كما وصفت تغطية التلفزة المغربية للحظة وصول جاكلين كينيدي إلى المغرب بـ«العادية».

ولكي نفهم هذا «التوجس الأمريكي»، تكفي معرفة أن بعض الزيارات التي قام بها رؤساء أمريكا وزوجاتهم إلى بعض الدول، عرفت معارضة كبيرة وتنديدا في الصحافة، خصوصا في الدول التي كانت تابعة للمعسكر الشرقي في روسيا، الاتحاد السوفياتي سابقا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى