أكدت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أن قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالرباط أمر، مساء الاثنين الماضي، بإيداع أربعة أشخاص ينحدرون من الدار البيضاء سجن العرجات على خلفية تورطهم في جناية تكوين عصابة إجرامية متخصصة في الهجرة السرية وإعداد وتنفيذ عملية تسهيل خروج أشخاص بشكل سري خارج التراب الوطني.
وأفادت المصادر ذاتها بأن المعتقلين الأربعة خضعوا لتدابير الحراسة النظرية بمقر سرية الدرك بتمارة، مباشرة بعد توقيفهم من طرف درك الهرهورة بشاطئ «كيفيل»، حيث تعرض القارب الذي كان يقلهم لعطل مفاجئ، وتم إخضاعهم للبحث الذي أنجزته فرقة خاصة من الدرك تابعة للمركز القضائي بسرية تمارة، قبل إحالتهم على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي قرر متابعتهم في حالة اعتقال بتهم ثقيلة واحالتهم على قاضي التحقيق من أجل البحث التفصيلي.
وضمن معطيات خاصة حصلت عليها «الأخبار»، فإن الموقوفين الأربعة ينحدرون من مدينة الدار البيضاء، بينهم مستخدم بوكالة أسفار من مواليد 1998 وعامل بإحدى المطابع بالدار البيضاء يبلغ من العمر 22 سنة، إضافة لمتهمين عاطلين عن العمل من مواليد 1998 و1999، خططوا لتنفيذ عملية هجرة سرية انطلاقا من اقتناء زورق بعشرة ملايين سنتيم، وخوض الرحلة البحرية السرية من شواطئ المحمدية، حيث انطلقوا تحديدا، ليلة الجمعة الماضية، من سواحل المحمدية بالقرب من مقر الكليات، قبل أن يتيهوا في عرض البحر وتلفظهم الأمواج بشاطئ «كيفيل» بالهرهورة زوال السبت الماضي، حيث حاولوا الفرار، إلا أن تفاعل دورية للدرك كانت بالقرب من المكان مع إشعار بعض المواطنين أفشل محاولة هروبهم وجرى توقيفهم على الفور واقتيادهم إلى مقر الدرك الملكي بسرية تمارة من أجل إخضاعهم للبحث التمهيدي تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
وكشفت التحريات الأولية أن المتهمين الأربعة قرروا خوض مغامرة الهجرة الى أوروبا بكثير من التهور والمخاطرة بحياتهم، حيث يفتقدون الخبرة اللازمة للإبحار ليلا عبر قارب صغير، وساعدتهم الألطاف الإلهية في الوصول أحياء إلى شاطئ الهرهورة بعد مرور ساعات قليلة على انطلاقتهم من شاطئ المحمدية. ويرجح أن تطيح التحريات التفصيلية التي سيخضع لها الموقوفون من طرف قاضي التحقيق عن تفاصيل أخرى مرتبطة بظروف الإعداد لهذه المغامرة ومساعديهم ومصدر حصولهم على قارب ومعدات الرحلة.
وكانت مصالح الدرك الملكي بتمارة أحالت، قبل أسبوعين، حوالي عشرة أشخاص على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، بينهم بارونات كبار ينحدرون من منطقة الغرب ومدينة تمارة متخصصون في قضايا الاتجار في البشر والهجرة غير المشروعة. وجاءت سلسلة الاعتقالات هاته على خلفية العملية الناجحة التي نفذتها عناصر الملكية البحرية في عرض البحر قبالة سواحل الرباط، وأنقذت خلالها حوالي 80 شخصا بينهم فتاة، تعطل بهم قارب ضخم تقدر قيمته بحوالي 60 مليون سنتيم، مملوك لبارون «غرباوي» مشهور في مجال الهجرة السرية، وبعد نقلهم من طرف الملكية البحرية إلى الدار البيضاء، تبين أنهم انطلقوا من أحد شواطئ الغرب، بعد شحن نصف المرشحين الموقوفين قبل أن يعرجوا على حوالي 30 مرشحا آخر بأحد الشواطئ بتمارة، والواقع تحديدا على خط التماس بين شاطئي الهرهورة والصخيرات، وهي المنطقة التي باتت ملاذا مغريا لبارونات وشبكات الهجرة السرية.
وفي الوقت الذي يثمن متتبعون نجاعة التدخلات الأمنية الاستباقية التي ترصدت للعديد من محاولات الهجرة السرية بشواطئ الهرهورة والصخيرات، يقر آخرون بأن تهافت هذه الشبكات على شواطئ الهرهورة والصخيرات بشكل ملفت في الآونة الأخيرة يسائل الأداء الأمني بهذا الشريط الساحلي الذي بات يفضله البارونات بدل سواحل الشمال والغرب، ما يتطلب مضاعفة المجهودات، حسب مصادر الجريدة، بالنظر لحساسية هذه المواقع البحرية التي انطلقت منها عمليات تهجير كثيرة، خلال الأشهر الماضية، وجرى إحباط بعضها، فيما يرجح نجاح العديد من العمليات، حيث تم تداول مقاطع فيديو صادمة يتحدث فيها بعض المرشحين عن نجاح مغامراتهم التي انطلقت من شواطئ الصخيرات والهرهورة.