أكادير: محمد سليماني
قررت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض بالرباط، إلغاء الحكم الابتدائي الصادر عن غرفة الجنايات الاستئنافية بأكادير، والمتعلق باستعمال وثيقة مزورة بعد إعادة تكييف أفعال تزوير محرر رسمي، والحكم على المدعى عليه بأربعة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 2000 درهم، وبمصادرة العقدين المزورين موضوع المتابعة، وتصديا التصريح ببراءته منها، وبتأييد باقي ما قضى به من سقوط الدعوى العمومية في حق المدعى عليه، بخصوص جناية التزييف وتزوير في الطوابع الوطنية، والتوصل بغير حق بها واستعمالها واستخدامها، وبسقوط الدعوى العمومية في حقه بخصوص التزوير بعد إعادة تكييف الأفعال إلى التزوير في محرر عرفي للتقادم.
ويتعلق الأمر بقضية أثارت الرأي العام بأقاليم جهة سوس- ماسة، وببعض أقاليم جهة كلميم- واد نون، حول ملفات عقارية تروج أمام المحاكم بأكادير وتيزنيت وكلميم، ومن ضمنها عقدان استعملت فيهما أختام للجماعة الترابية الأخصاص التابعة لإقليم سيدي إفني، حيث تبين أنهما «مزوران»، وقد تم استحداث هذه الأختام الجماعية لاستعمالها في التدليس والتزييف.
وبررت محكمة النقض رفضها للحكم المستأنف من قبل الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بأكادير، بسبب نقصان التعليل الموازي لانعدامه، بعلة تمسك المتهم طيلة مراحل الدعوى بصحة العقدين المطعون فيهما بالزور، وعدم توفر عنصر العلم، ثم عدم مناقشة المحكمة مجموعة من المعطيات المتوفرة في النازلة، منها نتائج الخبرة التقنية التي أنجزها معهد العلوم الجنائية التابع للدرك الملكي، والتي أثبتت زورية العقدين موضوع الطعن، واللذين ظل المتهم متمسكا بصحتهما، رغم نتائج الخبرة المذكورة واستعمالهما في منازعات قضائية، ومن بينها الحكم عدد 104 الصادر بتاريخ 27 مارس 2017 عن ابتدائية تيزنيت. وأضافت محكمة النقض أن هذا التمسك يؤكد سوء نية المتهم، خاصة أن ما تضمنه تقرير الخبرة، تعززه وتؤكده إفادة الشاهد (ح.ا) الذي كان عضوا ونائبا لرئيس جماعة الأخصاص، الذي أفاد بأن التوقيع الموجود على العقدين موضوع الطعن بالزور ليس توقيعه، وكذا الشأن بالنسبة لطابع (خاتم) الجماعة الترابية الذي لا يتعلق بها، فضلا عن عدم إبراز العناصر الواقعية والقانونية لفعل استعمال الوثيقتين المطعون فيهما بالزور، وبذلك تكون المحكمة قد أضفت على قرارها عيب نفصان التعليل المنزل منزلة انعدام التعليل، وعرضته للنقض والإبطال.
واستنادا إلى المعطيات المتوفرة، فقد كانت جماعة الأخصاص، قد وجهت شكاية إلى الوكيل العام للملك باستئنافية أكادير تؤكد فيها أن الأختام المزيفة الواردة في العقدين «المزورين» لا تخصها وغير صادرة عنها بالمرة، مما ينم، تضيف الشكاية، عن «قصد جنائي خطير من طرف المتهم، وانصراف نيته إلى إحداث الضرر البليغ بجماعة الأخصاص والإضرار بأصحاب الحقوق العقارية». وسبق أن تابع الوكيل العام للملك لدى استئنافية أكادير المتهم المعروف بإقليم تيزنيت وسيدي إفني وكلميم، من أجل تزوير محرر رسمي واستعماله والتزييف والتزوير في الأختام الوطنية والتوصل بغير حق بها واستعمالها واستخدامها، طبقا للفصول 343 و344 و351 و354 من القانون الجنائي، وقرر إحالة الملف على قاضي التحقيق.